حسام جداوي نائب المدير
الجنس :
المهنة :
عدد الرسائل : 361
العمر : 30
الدولة :
نقاط : 738
| موضوع: موضوع: حول دولة القانون // للاكاديمية القانونية السبت أبريل 14, 2012 5:21 pm | |
| حول دولة القانون طبيعة العلاقة بين الدولة والقانون تناولتها نظريات عديدة اتفقت على نقاط واختلفت حول أخرى. وليس هنا مجال الدخول في عرض وجهات نظر فقهية. ويكفي إلقاء نظرة سريعة على بعض ما يعنيه مفهوم دولة القانون, تاركين للقارئ تحديد موقع الدولة العربية من هذا المفهوم.
كانت الكنيسة المسيحية, وحتى نهاية عهد شرلمان, تدعو لنظرية الحق الإلهي المباشر أي أن الله خلق الإنسان ليعيش في الجماعة. وخلق السلطة العامة التي تأمر الناس. وتدخل الله في اصطفاء الحكام لخير الرعايا. والعهد المدرسي, الذي بدأ بعد ذلك لينتهي ببداية عصر النهضة, روج لنظرية التفويض الإلهي. أي أن الله لا يتدخل مباشرة في شكل السلطة ولا في كيفية ممارستها. فالسلطة تأتي منه ولكن الشعب هو الذي يختار ممثليها.(Duguit, droit constitutionnel T1, p. 414 ).
اخذ مفهوم دولة القانون ينتشر تدريجيا أواخر القرون الوسطى. " فالعهد الاعظم la Grande Charte " الذي عرفته بريطانيا عام 1215, حدد مجموعة قواعد ومجموعة حقوق تهدف لحماية الفرد من التعسف . ومع ثورة 1689 اعتبرت وثيقة الحقوق " Bill of Rights " بمادتها الأولى إن إلغاء القوانين, أو تنفيذ قوانين , من قبل السلطة الملكية دون موافقة البرلمان يعتبر عمل غير مشروع. وأصبحت هذه الموافقة ضرورية أيضا لفرض الضرائب. وتطور نظام الحكم ليصل إلى الملكية المقيدة.
كما جاء في إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية الصادر عام 1776 بان الحكومات يحب أن تقوم على رضاء المحكومين. وان لهؤلاء سلطة تغييرها عند وقوعهم ضحايا لتعسفها, أو توجهها نحو الاستبداد المطلق «despotisme absolu ". وأعلن الحق في الحرية لجميع الناس لأنهم ولدوا أحرارا, وحقهم بالمساواة. وان المهمة الأساسية للحكومات والتي جاءت من اجلها هي ضمان هذه الحقوق.
ولئن استطاع الملوك, مع نشأة الدولة الحديثة, ثثبيت امتازا تهم الشخصية, في الوقت الذي تراجعت فيه امتيازات الإقطاع ورجال الكنيسة وعلى رأسهم البابا, ولم تعد هناك سلطة أخرى في المملكة أعلى من سلطة الملك, فقد أعادوا الاستبداد. حيث أصبحت فرنسا مملكة وكأنها قطاع خاص للملك. فالملك لويس الرابع عشر كان يقول الدولة أنا l’Etat c’est moi , أي أنها تتجسد في شخصه, وليس بمعنى أنها, كما يرى البعض, تقلصت ليصبح هو الدولة .
و جاءت الثورة الفرنسية, المتأثرة بأفكار جان جاك روسو, و منتسكيو, لتلغي كل ذلك وتعلن انه لا توجد سلطة في فرنسا فوق القانون. فالقانون هو الذي يحمي الفرد من الاستبداد. ووضعت السيادة في الشعب صاحبها الأصيل. وفصلت بين السيادة وأشخاص الحكام, الذين ليسوا إلا مجرد عمال لصاحب السيادة, يعملون باسمه ولحسابه, وطبقا للاختصاصات التي يحددها لهم القانون. وليس لهم حق المطالبة بأية حقوق شخصية تترتب على ممارستهم للحكم. وقد أوحى ذلك للفقيه البريطاني A.V. Dicey القول, بأن وجود سجن الباستيل la Bastille كان الدليل الواضح على السلطة بدون قانون. فسقوط الباستيل أثار المطالبات في أوروبا بسيادة القانون
في القرن التاسع عشر, .و لتأطير قوة إمبراطورية 1871 ووضعها ضمن حدود القانون, أخذت بحوث القانونين الألمان تعمق نظرية دولة القانون.
فدولة القانون يجب أن تخضع للقواعد التي تضمن الحريات للمواطنين. وعليه فالرابط وثيق بين هذه الدولة وبين الديمقراطية. وحسب تروبه A. Troper " اذا كانت كل دولة قانون ليست بالضرورة دولة ديمقراطية, فان كل ديمقراطية يجب أن تكون دولة قانون". ( Sur le concept d’Etat de droit. Droit,1992, p/ 59 ).
دولة القانون تتعارض مع الدولة البوليسية. فهذه الأخيرة تعرف قواعد, ولكنها قواعد لتنظيم العلاقات بين المرؤوسين ورؤسائهم. فالهيئة الإدارية تلجأ بشكل دائم لاستعمال سلطات تقديرية, وتتخذ قرارات, تراها ضرورية, لتطبيقها على المواطنين بمبادراتها الخاصة, تهدف منها الوصول لغاياتها, ولمواجهة, في كل لحظة, ما تعتبره غير متلائم مع هذه الغايات. والقواعد الحامية للحريات لا تطبق إلا على الأفراد العاديين. في حين أن دولة القانون تؤمن الحقوق للمحكومين في مواجهة حكامهم. و في مواجهتهم للإدارة. وتخضع هي نفسها للقواعد القانونية التي أقرتها بنفسها. فهي, في الوقت نفسه, خادمة للحريات وحامية لها .
كما تتعارض مع الدولة الشمولية Totalitarisme . فالدولة الشمولية لا تخضع لمفهوم القانون, فهي فوق القانون, ومصدر النظام القانوني. أي أنها السيد. والقانون هو أوامرها ( ماكس كونال Max Gounelle ). وقد ترتب على هذا النظرية مآسي عرفتها وعانت منها البشرية, والمثال على ذلك ألمانيا النازية وايطاليا الفاشية. حيث عملت على ترسيخ الفكرة القومية ـ الاجتماعية, وتأكيد القوانين المطلقة بدمج القانون بالمصلحة القومية. مما نتج عنه اختفاء حقوق الفرد في مجال الحقوق الشخصية. مثل هذه الدولة ترفض مبدأ الفصل بين العام والخاص. و لا تحترم مبدأ فصل السلطات. ولا تقبل, أو لا تتصور, حقوقا معارضة للسلطة. ولا تسمح بالتعددية والرأي الأخر. وبوجود أحزاب سياسية أو جمعيات مجتمع مدني. ..
في حين أن دولة القانون تخضع للقيود الناشئة عن القواعد التي أوجدتها هي بنفسها, "التقييد الذاتيauto-limitation" كما وصفه الفقيه الالماني ايهرنغ ( Ihering, le But en droit, 1877 – 1883 ).
وهي التي " في علاقاتها مع رعاياها, ولتضمن لهم أوضاعهم الفردية, تخضع نفسها بنفسها للنظام القانوني.. " كما أشار الفقيه الفرنسي ريمون كاره دي مالبورغ Raymond Carré de Malbberg, 1861 – 1935 . مضيفا انه مفهوم دولة القانون ـ أسطورة سياسية وقانونية ـ تضم قيما سياسية أساسية, مثل احترام الفرد من قبل الدولة, تقييد تصرفات السلطات العامة, وفائدة القانون كحماية أساسية.
في المفهوم الماركسي الذي ساد في الدولة الاشتراكية سابقا, كانت تعتبر القواعد القانونية, في الإطار العقائدي, الوسائل التي تبرر مشروعية الدولة التي تؤبد هيمنة الطبقات البرجوازية. فالقانون يعتبر كأداة إيديولوجية و سياسية في خدمة المضطهد في مواجهة المضطهد. فإلى جانب الآلة القمعية للدولة, المؤلفة من الحكومة والإدارة والجيش والشرطة والقضاء, تقوم الآلة الإيديولوجية, الكنيسة والنظام الاجتماعي, والنظام العائلي, والنظام الإعلامي والقانوني. ( لويس التسيير Louis Althusser 1918 - 1990 ). وحسب النقد الماركسي فان مفهوم القانون و الأخلاق, قبل الثورة الفرنسية, لم يكن لهما إلا قيمة نسبية لانهما لا يعكسان إلا تصور طبقة النبلاء والبرجوازية فقط.
والواقع أن دولة القانون غير معصومة عن حدوث تجاوزات, واعتداءات على المشروعية و تدرجية القواعد القانونية. أو خروج عن مبدأ رقابة القضاء لدستورية القوانين. ولكن مع ذلك لا يمكن اعتبار أن الدولة, في حالة وجود مثل هذه الخروقات, أو نتيجة لإثارتها, أحيانا, ما يسمي دواعي المصلحة العليا للدولة raison d’Etat, بأنها ليست دولة قانون. وكثيرا ما تنطلق الدول الشمولية والدول الاستبدادية من إثارة مثل هذه الحالات لتعلن عدم إمكانية الحديث عن دولة قانون بالمعنى العملي. مبررة لنفسها إنها في مواجهة دائمة لظروف, غالبا ما يكون مصدرها خارجي, تتطلب مصلحة الدولة العليا التصدي لها.
تحتكر الدولة إصدار القوانين وتطبيقها, والقوة العامة فيها مناط بها تطبق القوانين الجزائية, و يعود إليها طرق تنفيذها بالقوة. ولكن هذا التطبيق, في الحالات العادية, لا يكون إلا بواسطة القاضي الذي ينظر في كل حالة على حده. كما أن الدولة تعمل على مركزة مصادر القانون. بحيث يتكون بفعلها أو تحت رقابتها.
يسود في دولة القانون مبدأ التدرجية القانونية كما أشرنا أعلاه. ولتوضيح ذلك نستدعي المثال الفرنسي, حيث يقوم في قمة التدرجية إعلان حقوق الإنسان الذي أصدرته الثورة الفرنسية والذي يعترف, حسب الفرنسيين, بحقوق طبيعية, غير قابلة للتنازل عنها, ومقدسة. يلي ذلك الدستور, وهو حاليا دستور 1958 للجمهورية الخامسة. ثم يليه القانون وأخيرا قرارات الهيئة التنفيذية.
فالتدرجية تبين أن السلطة مقيدة بسبب وجوب تقيد القائمين عليها بقواعد الدستور. فالحاكم لا يمارس وظيفته في الحكم إلا طبقا لأحكام الدستور. أي أن عليه احترام ما فوضه له, وعدم تجاوزه, وإلا أصبحت أفعاله غير دستورية. وباطلة, لعدم خضوعها لقواعد المشروعة.
يعود توضيح مفهوم وهدف تدرجية القواعد القانونية للفقيه النمساوي هانس كيلسن Hans Kelsen بإشارته إلى ضرورة « استخراج القانون من أسسه الإيديولوجية والأخلاقية, ولنجعل منه تقنية تنظيم. تقنية دقيقة في خدمة الدولة العلمانية".
حسب هذه النظرية يحب أن تحترم القاعدة القانونية الدنيا القاعدة الأعلى منها مباشرة في سلم التدرجية الهرمي البناء, حيث يحتل الدستور فيه القمة. ولفرض احترام التدرجية لا بد من آلية فعالة تقوم برقابة دستورية على صدور وتطبيق القوانين. وعليه فقد نشأ لهذه الغاية, في فرنسا على سبيل المثال, المجلس الدستوري.
ففكرة الرقابة على دستورية القوانين والتي تعرف على أنها مجموعة الوسائل القانونية الهادفة لتأمين مطابقة القوانين للدستور. والتي لم يجر قبولها إلا حديثا وبصعوبة, بسبب التحفظات الواسعة والعائدة, من جهة, لطبيعة القانون نفسه إذ يمكن اعتبار الرقابة عليه مخالفة لمبدأ سمو القانون كمعبر عن الإرادة العامة ( القانون معبر عن الإرادة العامة, صاغته مساهمات كل المواطنين, مباشرة أو بشكل غير مباشر, بالوكالة, ويجب أن يكون واحدا بالنسبة للجميع. المادة 6 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 ). ومن جهة أخرى, يصدر التحفظ من الخشية من قيام "حكومة قضاة". و كان يجب انتظار مجيء الجمهورية الخامسة لا يجاد المخرج وذلك بالقول بسيادة الدستور. ومن هنا على القانون أن يخضع للرقابة الدستورية. وعليه عملت الهيئة التأسيسية لدستور عام 1958 على إنشاء المجلس الدستوري كهيئة هدفها رقابة دستورية القوانين, وفرض احترام تدرجية القواعد وخضوعها لمبدأ المشروعية. فالقانون يفقد المشروعية إذا لم يأت بالمطابقة مع المبادئ العليا المقررة في الدستور. و إذا لم يتم تبنيه وصدوره حسب الإجراءات النظامية.
في دولة القانون تعطي الأولوية لعملية ضبط للسلطة ومنعها من التجاوز على حريات المواطنين أو الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون. فترسيخ مبدأ فصل السلطات, التشريعية والتنفيذية والقضائية, وإيجاد الآليات الفعالة لتطبيقه. بحيث لا تتجاوز سلطة معينة على السلطات الأخرى, لتمنعها من القيام باختصاصاتها الكاملة, أو لتحقيق امتيازات على حسابها. ورغم كل المبادئ التي تكرسها الدساتير فان السلطة بطبيعتها تنزع للتسلط, و تتلمس الوسائل لتحقيق ذلك . ولا يوقفها عند حدها ويمنعها من ذلك إلا سلطة أخرى مساوية لها في القوة. فالسلطة توقف السلطة, حسب التعبير المشهور لمنتسكيو القائل بفصل السلطات.
والواقع أن من الناحية العملية لم يعد مبدأ فصل السلطات يعمل كما جاء به آباء نظرية الفصل, فالدولة الحديثة, أمام التنوع الكبير للقوانين, والتعقيد, وتعدد النصوص لتطال كل نواحي الحياة المتسارعة النمو والتطورــ فتنوع محتويات هذه النصوص, وتشعبها, جعل فهمها غير متيسر دائما للمواطن العادي. وحتى أصحاب المهن القانونية يجدون صعوبة في معرفة القانون الواجب التطبيق في بعض الحالات ــ لا بد لها, لتأمين سير الدولة بشكل سلس, من إيجاد وسائل واليات اتصال وتنسيق بين السلطات, دون تعارض أو هيمنة, وهذه الوسائل والتقنيات تختلف من دولة إلى أخرى من الدول الديمقراطية ــ لا يمكن تصور مثل هذا الفصل في دول غير ديمقراطية ــ ولكن دائما ضمن مبدأ الفصل ومبدأ الرقابة الدائمة والفعالة.
ومبدأ المساواة أمام القانون ينطلق من كون الإنسان, مهما كان وضعه الاجتماعي أو موقعه, مها كان أصله أو دينه أو لونه أو رأيه السياسي, قيمة في ذاته. ووجود السلطة ذاتها يهدف لتوفير حرياته, وتأمين مساواته مع الآخرين, من الأفراد العاديين أو المسؤولين السياسيين أو الإداريين. والحفاظ على قيمه.
صحيح أن المساواة أمام القانون لا تكفي كمهمة للدولة الليبرالية "الحارسة", فاقتصاد السوق, وتشجيع المبادرة الفردية يعمق عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية, ويعيق ممارسة حقوق المواطنة. فلأفراد في حالة وجود التفاوت الاقتصادي والاجتماعي لا يستطيعون ممارسة حقوقهم السياسية بشكل كاف, لذلك تنشط, الدعوات لتدخل الدولة, الليبرالية, في هذه المجالات لإعطاء أبعادا أساسية لمفهوم المساواة ولا يعتبر أصحاب هذه الدعوات أن تدخل الدولة هنا تدخل في الحريات المدنية والسياسية.
تفرض دولة القانون مبدأ المساواة أمام القضاء بين الأفراد العاديين وبين المسؤولين السياسيين والإداريين, بحيث لا تمنح لهؤلاء اية امتيازات أو استثناءات بحجة أنهم ممثلون للوطن. ولكل فرد أو جمعية مدنية حق الاعتراض على تطبيق قاعدة قانونية غير مطابقته لقاعدة قانونية أعلى منها. طبقا لمبدأ المشروعية.
ولتسهيل الوصول للقضاء, لأصحاب الدخول المتواضعة, تعزز مبدأ مجانية القضاء. حيث لا يقع العبء المادي للتقاضي على المتقاضين, عدا المصاريف القضائية, وقد كرست دول عديدة نظام المساعدات القضائية, ففي فرنسا على سبيل المثال, تغطي المساعدات القضائية والتي تعرف بـ Aide juridictionnelle كل أنواع الدعاوى (مدنية’ جزائية, إدارية) تغطية كاملة أو جزئية, ومهما كانت طبيعة الإجراءات, ويستفيد منها المدعي والمدعى عليه, سواء أكان فرنسيا, أو من رعايا الاتحاد الأوروبي, أو أجنبيا يقيم بصفة قانونية في فرنسا. وكذلك الجمعيات ذات الدخل المتواضع, بكافة أنواعها,. وإلى جانب ذلك وسع قانون 10 جولييه/ تموز 1991 نطاق المساعدات للوصول إلى الحقوق accès au droit, حيث يعطي مستحقها الحق بالحصول مجانيا على المعلومات المتعلقة بحقوقه الأساسية ( الحريات الفردية, السكن, العمل ..), وكذلك بالحصول على استشارات قانونية. و بمرافقة مجانية له لإنجاز إجراءات إدارية ( تحرير عقود إيجار, تحرير عقود عمل..).
كما تفرض وجود قضاء مستقل ومختص بالنظر في النزاعات بين مختلف الأشخاص القانونية بالتماشي مع مبدأ المشروعية الناتج عن تدرجية القواعد, و مع مبدأ المساواة المعارض لكل تمييز في المعاملة بين الأشخاص القانونية. فاستقلال القضاء ضمان لنزاهته في تطبيق القواعد القانونية.
وأخيرا, يمكن القول أن دولة القانون دولة مؤسسات. نظامها قائم بشكل يحقق مصالح المواطنين دون تمييز بينهم. ويهدف بشكل خاص لحمايتهم والدفاع عنهم ضد تعسف السلطات في الدولة. ولا تكتفي هذه بتزيين دساتيرها بنصوص حقوق الإنسان, كما لا تكتفي بإصدار القوانين في هذا المجال, وإنما تعمل على تطبيقها, وتوفر الوسائل الضرورية والفعالة لذلك. وتأمين الرقابة اللازمة. فمسؤولوها وعمالها ينزلون على أحكام القانون كالمواطنين العاديين, ويخضعون له. فالدولة التي تضع القانون تكون أول الخاضعين له. لقد جاءت مثل هذه المفاهيم وتطورت بعد نضال قرون لشعوب ومفكرين في المجالات الاجتماعية والفلسفية والسياسية والقانونية. فنزلت السلطة إلى الأرض ونزع عنها القدسية والعصمة. وأصبح مسؤولوها أشخاصا عادين في خدمة الدولة ومكوناتها. يقومون بوظائف محددة, مفوضة لهم سلفا, لا يستطيعون تجاوزها.
والسؤال , متى تصبح السلطة عندنا ممارسة وظيفة. وتنزع القداسة عن ممارسيها. وينظر إليها على أنها تفويض ممن يملك الحق بذلك, وليست عقود امتيازات باستغلال, على نمط عقود الامتيازات القديمة الممنوحة لشركات الاستثمار, ذات المدة غير المحددة بزمن, والتي يشمل مجالها الدولة بمكوناتها. و متى تسود دولة القانون. د. هايل نصر. فرنسا | |
|