للأفكار الجديدة سحرها. دور النشر الغربية تتفنن في الأفكار الصادمة أحياناً، والمشوقة في أحايين أخرى. تخيلوا أن البروفيسور شريدان سيموف ألف كتاباً من مائتي صفحة بعنوان:” الأمور التي تشغل تفكير كل رجل” غير أن الصفحات كانت فارغة، لم يُكتب بها حرف واحد وهو ليس خطأً بطبيعة الحال، بل هذه هي فكرة الكتاب، أن يكون بغلاف مغر، وبعنوانٍ جذاب، وأن تكون الصفحات من دون مضمون. والكتاب ليس مغلفاً بمعنى أن دار النشر تغشّ المشترين، بل كتاب مفتوح غدا الكتاب الأكثر مبيعاً في بريطانيا والولايات المتحدة!
الكتاب تفوق حتى على كتب مشهورة عالمياً من بينها الجزء الأخير من رواية “هاري بوتر” ورواية “شيفرة دافنشي” الكتاب يباع بـ4.7 جنيهات إسترلينية. ويقبل على شراء الكتاب الشباب والفتيات لما فيه من فكرة طريفة، فيستخدمونه “كشكولاً” بين أيديهم، وربما دونوا عليه المحاضرات الجامعية، أو الواجبات الفصلية. هذه الفكرة جميلة وطريفة، والأكثر طرافةً قول المؤلف للكتاب الفارغ: “عندما قررت أن أنشره، لم أتخيل مطلقاً أن مبيعاته ستتفوق على مبيعات هاري بوتر أستطيع أن أؤكد على أن محتوى الكتاب هو ثمرة لأبحاث متعمقة أجريتها على مدى أكثر من 20 سنة من الخبرة الحياتية”.
قد تكون هذه الفكرة غير محبوبةٍ لدى من يبحث عن الأشياء الموغلة في الجدية، غير أنني أحب الأفكار الجديدة في تناول القضايا أو الهموم. وإذا تأملنا في الدورات التي تتعلق بتطوير الذات نجدها ذهبت بعيداً لدرجةٍ بتنا نسمع فيها عن: “كيف تكون ثرياً” أو “تعلم الثراء” أو “كيف تكون مليونيراً” هذه الأفكار حين توضع في كتابٍ فإنها ستجذب الناس، لكن حين يفتحون الكتاب ويجدونه فارغاً سيشعرون بطرافة بينهم وأنفسهم، ولسان حالهم: “صحيح الأمور لا تأتي هكذا”! وإلا لو كان المدرب في التطوير الذاتي يعلم سر كسب الملايين لما تفرغ لملاحقة الناس بغية حضهم على المشاركة في دوراته، ولأسس مشروعاته التجارية التي تدر عليه الأموال الطائلة.
قال أبو عبدالله غفر الله له: إنها أفكار جديدة، أن يكون الكتاب الفارغ حاملاً رسالة صادمةً، من مثل كيف تتغلب على مشاكل الحياة، وكأن هناك حياة من دون مشاكل! بعض الكتب الفارغة تحمل رسائل إيجابية أكثر من بعض الكتب المليئة بالحبر، وهذه رسالة الكتاب الفارغ.. ملأ الله العقول بالذكاء والفطنة.