حين نقول المصادر اللغوية و الأدبية فان هذا يقتضي منا الوقوف عند هذه التسمية وقفة قصيرة لكي نرى مايمكن أن يكون هناك من فوارق
بين مصطلح المصادر والمصطلح الاخر الذي يكثر استخدامه كذلك وهو مصطلح المراجع و لهذا وعلى الرغم من ان كلمتي مصدر ومرجع تترادفان كثيرا في لغتنا المعاصرة و تأتيان بمعنى واحد عند معظم الدارسين الا ان لها معنى مختلف
فمن الدارسين من يرى ان المصدر هو كل كتابة تناولت موضوعا وعالجته معالجة شاملة عميقة أو هو كل كتاب يبحث في علم من العلوم على وجه الشمول و التعمق بحيث يصبح أصلا لا يمكن لباحث في ذلك العلم الاستغناء عنه
أو هو مايطلق على الاثار التي تظم نصوصاأدبية شعرا ونثرا لكاتب واحد أو مجموعة من الكتاب لشاعر فرد أو لطبقة من الشعراء أو لخليط من الشعراء وكتاب وخطباء رويت هذه الاثار شفاهيا أو دونت في كتب أو نقشت على الأبنية ووصلتنا دون تعليق على النص أو تفسير له دون تمهيد أو تعقيب عليه ، فالجامع الصحيح للبخاري ، وصحيح مسلم هما أصلان و مصدران في الحديث الشريف بينما تعد كتب الأحاديث المختارة من المراجع في ذلك
كذلك دواوين الشعر والشعراء والمختارات شعرية كانت للمفضليات و الأصمعيات وجمهرة اشعار العرب للقرشي و حماسات ابي تمام أو نثرية كنهج البلاغة للامام علي ، الأدب الصغير و الأدب الكبير لابن المقفع و جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري كلها مصادر أدبية أين كان العصر الذي دونت فيه و اين كان المدون لها ، فان هذه مصادر و اصول في الأدب و غيرها مما اخذ عنها فهي مراجع و معنى هذا أن المصدر يحتوي على المادة الأصلية
أما المرجع فهو الكتاب الذي رجع فيه صاحبه الى هذه المادة الأصلية من مصدرها الاصلي و افاد منها و المرجع هو ما يساعد على فهم النص الأدبي و توضيحه و تفسيره و تقويمه
ومع أن الحدود بين المصدر والمرجع تبدو واضحة فان هناك حالات يصعب فيها تقرير ما اذا كان الكتاب مصدرا أم مرجعا لذا هناك محاولة لحل هذه المشكلة عن طريق مصطلح اضافي فالبنسبة الى المعاجم و دوائر المعارف وكتب الطبقات وكتب التراجم و ما أشبه يطلق عليها مصطلح : المراجع العامة ومن ثم يعد كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني مرجعا عاما في حين يعد كتاب شوقي ضيف الغناء في المدينة مرجعا خاصا و هناك المراجع الأصلية التي يقصد بها المؤلفات التي كتبت حول مصدر من المصادر في الزمن الذي صنف فيه زمن قريب منه و هناك المراجع المساعدة التي لا تتصل بمادة المصدر و لكن يمكن الاستفادة منها بطريقة غير مباشرة
وقد تصنف المراجع تصنيفا اخر وفقا لقدمها و حداثتها فيقال مرجع قديم من كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني في حين يعد كتاب الخوارج في العصر الأموي لسهير القلماوي مرجع حديث
أما بالنسبة للمصادر فانها تصنف كذلك في نوعين متمايزين دون اعتبار للقدم أو الحداثة و هما المصادر الأساسية و المصادر المساعدة فالاولى هي التي استهدف بها أصحابها الجانب الأدبي فقط وأما المصادر المساعدة فهي التي تتمثل في نصوص أدبية وهاجة مبثوثة في مضامن غير أدبية من المعاجم وكتب النحو و التاريخ و الفلسفة وغيرها