الرجل الذي بحث عن الأنانية '
كان الفلاح يترقب فصول الزمن بينما أرضه العطشى ترتوي وترتوي وتخضّر جنباتها ، يراقبها في كل لحظة متأملا جني الكثير من المال ..
استعار من جار له قضيبا حديديا يجر به الأرض راسما خطوطها العريضة ، هنا الفلفل وهنا الجزر وهنا القمح وهنا منزلي الصغير مع غرفتين كبيرتين ومطبخ تنبعث عبر نافذته رائحة الخبز الطازج ، تلك الرائحة التي اعتاد أن يشمها بعدما يجفف العرق من على جبينه السمراء المكحلة بفعل أشعة شمس الأصياف الحارة ..
هذه كانت حكاية الزمن الأخير ، ومحور الوجع فيها كان في اليوم الذي أخذ صناديق الخضر الى جاره كي يبرم معه صفقة العمر ..
ذلك الجار كان أنانيا فباع المحصول وأكل ذاك العرق ليفتح بابا واسعا عنوانه الأنانية المطلقة .. بكى الفلاح كثيرا وتألم كثيرا عندما قرأ تلك اللافتة المعلقة فوق ضمير ذلك الجشع .. " لا تقتحم كرمي ، ولا تسأل عني "
تأمل أشياء كثيرة .. وبكى لرؤيته حقيقة مرّة ، فيقابله وهو في قمة احباطه ليسأله بكل عفوية بريئة : هل لك يا صديقي أن تمنحني بعضا من أنانيتك كي لا أصدم ؟
لم يتوقع الفلاح الإجابة لأن أنانية ذلك الجار وصلت الى حد فكّر فيه بروية بينه وبين نفسه ليقول : ماذا يريد الفلاح من أنانيتي ؟ يجب أن أحتفظ بها لنفسي !