أين الحفاظ على المساجد

لا تعليق
هيفاء وهبي " في المسجد
بقلم : ـ عبدالله شيخ الشباب

لما كانت المساجد هي بيوت الله سبحانه وتعالى على الأرض ،ولما كانت هي من أفضل الأماكن لنا كمسلمين لكي نذكر فيها اسم الله سبحانه وتعالى ، وحتى نؤدى فيها حقه علينا بالصلاة والعبادة والتقرب اليه من خلالها . ولهذا وجدنا أن ديننا الإسلامي قد اهتم بها وطلب منا عمارتها والسعي اليها ، وذلك لفضل الصلاة فيها لاسيما أن الصلاة في المسجد عند الله أفضل من الصلاة في البيت بسبع وعشرين درجة .

قال الله تعالى "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ، وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، ولم يخش الا الله؛ فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين". صدق الله العظيم.

ولما كنت أنا وبفضل من الله سبحانه وتعالى من شباب المسلمين ، فقد حرصت منذ الصغر ولحد الآن على أداء معظم أوقات صلاتي في المسجد إمتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى ؛ إلأمر الذي جعلني ألاحظ عددا من السلوكيات التي لاينبغي للمسلمين القيام بها ، والتي رأيت أن أقوم بالإشارة لها في مقالي هذا تطبيقا مني لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : ـ " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " .

آملا أن يحالفني التوفيق في عرضها عليكم ؛ بطريقة تنال منكم القبول والإستحسان إن شاء الله تعالى لكي تكون رادعا عند كل من يرتكبها بالإقلاع عنها نهائيا.

و من أبرز هذه السلوكيات الخاطئة مايلي :

1ـ حضور بعض المصلين إلى المساجد ؛ تفوح من أفواههم و أجسامهم العديد من الروائح المنفرة كروائح السجاير والثوم والبصل والعرق وغيرها .علما أن ديننا الإسلامي قد نهانا عن ذلك ؛ من خلال قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أكل الثوم والبصل فلا يقربن مسجدنا !! فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

2ـ دخول بعض المصلين الى المساجد وهم يرتدون ملابس لاتليق بحرمة المكان ؛ فمنهم من يأتي مرتديا ( بيجامة ) ، ومنهم من يأتي بملابس قذرة مليئة بمختلف انواع البقع ، وآخر يأتي ببنطال ساحل كاشفا لنا عن ثلاثة أرباع عورته الخلفية ، و منهم من يأتي بالملابس الداخلية العلوية معتقدا أنه لافرق بين غرفة نومه وبين المسجد !!. ومنهم من يأتي بشعر منفوش منكوش طويل غير مهذب وكأنه لايوجد في بيته مرآة يرى فيها نفسه قبل الخروج !! ؛ ومنهم من يأتي وكأنه خارج من أحد المزابل أو من أحد مكبات النفايات أكرمكم الله !!!.متناسين كل هؤلاء قول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: ـ" يابني آدم ، خذوا زينتكم عند كل مسجد ،..." صدق الله العظيم.

3ـ اعتياد بعض المصلين على حجز أماكن لهم فى المسجد بوضع مفرش صغير أو سجادة أو عصا أو أي شيء آخر في الصفوف الاولى تحديدا كعلامة خاصة بهم ، ثم ذهابهم بعد ذلك لقضاء حاجة معينة ، و غالبا فإن معظمهم لايعودون إلا قبل أن تحين موعد الخطبة أو الصلاة بدقيقة أو دقيقتين.

. وحينما يعود أحدهم ويجد شخصا آخرا يجلس في المكان الذي حجزه ، تثور ثائرته وينفجر غاضبا وكأنه قنبلة موقوتة !! معتقدا في نفسه أن هذا المكان هو ملك له أو ملك لأبيه ، أو أنه مسجل بإسم أهله في دائرة الأرضي والمساحة !!

فيحدث الهرج والمرج بينهما ، ويتطور الأمر ويصل الى حد التلاسن والشتائم ، وأحيانا يصل الى حد العراك ، ويتجاهلان حرمة المسجد لإعتقادهما أنهما موجودان في سوق للغنم ،أوفي حظيرة للأبقار ، أوفي مزرعة خاصة بالبهائم أجلكم الله، أو في داخل محل لبيع القهوة ، أو على ناصية شارع ؛أو في مكان لبيع الباله .

وحينها أجد نفسي مضطرا للقيام من مكاني ( مجبرا أخاك لابطر )، وأقترب منهما محاولا نزع فتيل النزاع بينهما للحيلولة دون تطور الأمور ، وحتى لاتصل الى مالاتحمد عقباه ، هادفا من ذلك طرد الشيطان من قلبيهما وإطفاء نار الغضب في صدريهما ، والاهم من ذلك لكي أمنع تكوين حمامات دموية .

وحقيقة ... لاأكون مبالغا إذا قلت لكم ياأخوان أنه كم كنت كثيرا اضطر الى مسك أيديهم تارة و أرجلهم تارة أخرى لكي أمنعهم من ضرب أو رفس بعضهم بعضا ، لأنني بصراحة لاأريد أن يتحول المسجد الى حلبة للمصارعة ولا الى ساحة للملاكمة ، ولا أريد أيضا أن ينقلب المكان إلى ساحة للكيك بوكسنغ أو الكاراتيه والتايكوندو أو الكونغ فو، والتي تعلمتها كلها من خلال تواجدي في المسجد !!

ـ4ـ كثيرا ما يخترق طبلة أذني أصوات موسيقى ورنين تصدر من أجهزة خلويات وهواتف نقالة أثناء الصلاة ، والتي جميعها للأسف تكون محتوية على مقاطع مختلفة من الأغاني الهابطة الحافلة بالتأوهات والتغنجات والآهات والطعجات ، والتي تخرج فجأة بدون سابق ميعاد من كل من : "هيفاء وهبي" ،و "أليسا "، و"نانسي عجرم "، و"نجوى كرم"، و " روبي " وغيرهن. ويصل الأمر بي أحيانا الى درجة تجعلني أعتقد أنهن قد حضرن الى المسجد فعلا لتأدية الصلاة معنا على طريقتهن الخاصة !!.

ـ5ـ كثيرا ما ألاحظ ظاهرة البيع و الشراء بالقرب من أبواب المساجد أو في ساحاتها ، وذلك من خلال وجود العديد من السلع المختلفة الأشكال والألوان والأحجام المعدة للبيع مثل. الشامبو والعطور والصابون والسجاير وصبغات الشعر وأشرطة الكاسيت والسي دي والساعات والخلويات والكتب وغيرها ؛ وكأن المسجد قد تحول الى "سوبرماركت " أو مكانا للتسوق .

ـ 6ـ كثيرا مايلفت انتباهي أحاديث مبتادلة بين المصلين قبل وأثاء الخطبة ، وخوضهم بصوت عال في مهاترات تافهة متعلقة بأمور الدنيا والسيارات والإيجارات والأزياء والزواج والأفلام ومباريات كرة القدم ، وغيرها ؛ متناسين أن اللغو في المسجد يبطل الصلاة .

ـ 7ـ القسوة البالغة التي يتعامل فيها بعض المصلين الكبار وتحديدا ( الختيارية) هداهم الله ، مع الأطفال الصغار المرتادين للمسجد ، وصراخهم في وجوههم بحجة الإرشاد والتوجيه ؛ مما يجعل هؤلاء الأطفال الصغار يكرهون الحضور اليه .

8ـ ممارسة بعض المصلين هواية تقليم الأظافر ، و اللعب بالأنف واخراج ما يكون عالقا في داخله من قاذورات ، ثم رميهم اياها بطريقة مقززة على فرش المسجد تدعو كل من يراها الى الغثيان !! لإعتقادهم أن المسجد هو المكان المناسب لممارسة هذه الهواية بسبب عدم وجود الوقت الكافي لديهم لممارستهم لها في منازلهم .

9ـ موسيقى الشخيرالصادرة من بعض المصلين أثناء القاء الخطبة ( فحدث ولا حرج ) ، الأمر الذي يجعلني أضطرأحيانا أن أقوم من مكاني و أذهب اليهم وأنصح بعضهم الذهاب لإحضار مخدة وبطانية لكي يناموا عليها الى أن تنتهي الخطبة.

10ـ حالة القذارة التي تكون عليها بعض المساجد وخاصة المراحيض أجلكم الله ، وعادة ترك بعض مرتادي المساجد لفضلاتهم الآدمية خلفهم بعد قضائهم حاجتهم ؛ بدون أن يراعوا أن هناك أناسا آخرين غيرهم سيدخلون بعدهم لنفس الغرض ؛ لدرجة تجعل بعض الناس من الذين يدخلون خلفهم يصابون بالدوار والإغماء ، ومنهم من يصل بهم الحال أن يتم نقلهم بسيارات الإسعاف الى أقرب مستسفى عند شمهم لتلك الروائح ، أو حين تزحلقهم بتلك القاذورات والبول والفضلات البشرية التي تكون تطفو على أرضية المرحاض.

11ـ عدم تطييب المساجد ، ووجود روائح غير مقبولة في داخلها غالبا الى درجة تجعل من يشمها يشعر بالرغبة في التقيؤ ، ويضطر الى عدم الصلاة فيها والبحث عن مكان آخر لتأدية الصلاة فيه.

12ـ جهل كثير من خطباء المساجد سامحهم الله بالطريقة الصحيحة في فن إلقاء الخطبة ، وجهلهم بالأسلوب المناسب في جذب المصلين اليهم وإلى مايقولون ، وتعمد بعضهم الصراخ والتهويل وكأن القيامة ستقوم بعد دقيقة أو دقيقتين !! معتقدين أنهم بصراخهم هذا وبأصواتهم العالية هذه سيحلون كل مشاكل الأمة العربية والإسلامية ، و سيقضون على اسرائيل ويحررون الأقصى ويرجعون لنا فلسطين ؛ ناهيك عن ارتكاب بعضهم للكثير من الأخطاء اللغوية وللعديد من الأخطاء النحوية ، وغيرها من الأخطاء أثناء قراءة بعض سور القرآن الكريم .

13ـ وجود عصابة مافيا متخصصة في فنون سرقة أحذية المصلين ، فأنا كثيرا ما كنت أعود الى المنزل حافي القدمين بعد سرقة حذائي . الأمر الذي جعلني مضطرا بعد ذلك الى أخذ حذاء اضافي معي أضعه في داخل كيس وادخل به الى المسجد ؛ على سبيل الإحتياط .!!.

14ـ وجود الكثير من النساء اللواتي يمتهن مهنة التسول و بجانبهن أطفالا صغارا مصابين بمختلف أنواع الإعاقات .....؟؟!!وذلك من أجل استدرار شفة الآخرين.

إخوان أحباء !!

إن ما قلته أعلاه ماهو إلا غيض من فيض ،من المناظر والسلوكيات التي يجب محاربتها احتراما منا لديننا الإسلامي و تعظيما منا لحرمة المساجد وقدسيتها ، والتي لايتسع المجال لي هنا لذكر المزيد منها ؛ علما أنه مازال هناك الكثير من السلوكيات الأخرى التي لم أتطرق اليها بعد .
وفي الختام ، أسأل الله لي ولكم الهداية والرشاد ، وأدعوه سبحانه وتعالى أن يفقهنا في أمور ديننا ودنيانا على النحو الذي يجعله يتقبل منا طاعاتنا له ويرحمنا ويغفر لنا .

اللهم إني بلغت ، اللهم فاشهد

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته